د. مصطفى يوسف اللداوي
المواطنة تعني …
اعتراف السلطة بالفرد واحترامها له، ورعايتها لحقوقه، وحفظها لكرامته، ودفاعها عنه، وعدم الإساءة إليه وتجريحه، أو حرمانه من حقوقه وتجريمه، أو التخلي عنه وإهماله، وضمان شيخوخته ورعايته عند حاجته، والسؤال عنه والاهتمام به، والتزامها العدل والمساواة بين مواطنيها، ومحاربتها للظلم والحيف، والبغي والطغيان، والاستقواء والعدوان…
وهي أيضاً ….
احترام الفرد للدولة، والتزامه بقوانينها ونظمها، وعدم المساس بها وخرقها، وحفاظه على صورتها جميلة وهيبتها قوية، والإخلاص لها والوفاء لأهلها، وعدم التعاون مع أعدائها أو الغدر بها، وأن تكون في مجتمعك إنسانأً صادقاً أميناً، متعاوناً متفهماً، …
لكن المواطنة الأهم …
أن تكون أنت قبل غيرك، إنساناً خلوقاً نبيلاً، تحترم غيرك وتقدره، وتحفظه وتوقره، وتصونه في غيابه وحضرته، وألا تسيء إليه رد فعلٍ أو ابتداء سوء، وأن تكون مؤمناً بالشراكة والتقاسم، والتكامل والتعاون، وترفض التعصب والعنصرية، والاستئثار والاستكبار…
وأن تكون مؤمناً بحقوق غيرك في الحياة، وغيرك يعني جارك وصديقك، وأخوك وابنك، ورفيقك وزميلك، وابن حيك وشريكك في الأرض والوطن، والإنسان عموماً وإن اختلف معك في الجنسية والهوية، واللسان واللون، والدين والعقيدة، والطائفة والمذهب….
لا يحق لأحدٍ أن يطالب بحقوق المواطنة ويصر عليها، ويدعي المظلومية إذا حرم منها، وهو ظالمٌ لغيره، ويسيء لسواه، ولا يقدر الناس ولا يحترم حقوقهم، فأصل المواطنة أنت، فإن كنت متمتعاً بصفاتها وملتزماً بشروطها، فأنت المواطن الصالح، ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سبق كل النظريات والعقود الاجتماعية عندما قال “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، والمسلمون هنا هم كل الناس، بني الإنسان جميعاً، هو ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمسلم الحق هو من سلم الناس من لسانه ويده، وضمنوا أمنهم وسلامتهم، وحرصوا على حياتهم وممتلكاتهم.