عَقَدت هيئة مكتب الجبهة المدنيَّة الوطنيَّة إجتماعها الدَّوري، وناقَشت فيه استِشراس تحالُف المافيا ـ الميليشيا في قمع الحريَّات الفرديَّة والإعلاميَّة، وتمييع التَّحقيق في جريمتي تفجير مرفأ بيروت واغتيال لُقمان سليم، وتسخير المؤسَّسات الدُّستوريَّة لِفَرضِ أجُنداتٍ لا علاقة للمصلحة اللُّبنانيَّة العُليا بها بأيّ صلة، كما تداول المجتمعون في تطوُّر مسار تشكُّل الائتِلاف المدنيّ الوطنيّ المُعَارض، وقد أكَّد المجتمعون على ما يلي:
1 ـ إنَّ ما تَقُومُ به المنظومة الفاسدة المجرِمَةُ من إجراءَاتٍ قمعيَّة وتهويليَّة بحقّ ناشِطات وناشِطي الثَّورة، تبدأ بالاستِدعاءَات المشبوهة والتُّهَم المفبركة، ولا تنتهي بالخروج عن القوانين المرعيَّة الإجراء، وتطويع بعضِ القضاء كما بعض الأجهزة العسكريَّة والأمنيَّة في سياقِ تكريسِ الدَّولة البوليسيَّة فَلسَفَة ونهجاَ، كُلّ ذلك لن يُثني النَّاشِطات والنَّاشطين عن الاستِمرار في نضالِهم من أجلِ تحرير لبنان من خاطفيه، واسترداد الدّولة، وإعادة تكوين السُّلطة على قاعِدَة الشأن العامّ مربوطاً بالخير العامّ، وإنَّ هذه الإجراءَات القمعيَّة التَّهويليَّة باتَت تقتضي ثورةً قضائيَّة بما يُعيد القضاء حِصناً للعَدل والعدالة، وحامِياً لحقوق الشَّعب اللُّبناني الذي يخضع لجريمة منظّمة مُمنهَجة.
2 ـ إنَّ الهُجُومَ المُبَرمَج على وسائِل الإعلام، والذي تقومُ به المنظومة الفاسدة المُجرِمَة متلطيةَ بالمجلس الوطنيّ للإعلام وبلجنة الإعلام والاتّصالات النيابيّة، وقد باتَ المجلِسُ واللَّجنة منصَّتين حزبيتين معروفتي الارتباطات والأجُندات والخيارات، يؤشّرُ إلى أنَّ ثمّة قراراً نافِراً للانقِضاض على الكلمة الحُرَّة والصَّحافة الاستقصائيَّة بلوغاً إلى التحكُّم بحقّ اللُّبنانيين في ما يُسمَح لهُم بمُتابعته وما تُقرّرُ المنظومة مَنعهُ عَنهمُ بالاستِناد إلى مواقِع نفوذِها الجُغرافيّة وتمدُّدها الديموغرافي، وهذا يستدعي القِوى المجتمعيّة الحيَّة، وفي مقدّمها نقابَة المحامين في بيروت وطرابلُس باتخّاذ كُلّ التَّدابير القانونيَّة الآيلَة إلى صَون حريّة التعبير كما الحقّ بالوُصُول إلى المعلومات دون رقاباتٍ تُذكّرُنا بالأنظمة الشُموليّة وارتِكاباتِها القاتِلَة على كُلّ المستويات.
3 ـ إنَّ استِمرار القَضَاءِ في التأخُّر عن التقدُّم في مسار التَحقيق بجريمة تفجير 4 آب يُثيرُ الرّيبة، ولا يشفي غَليل الضَّحايا وأهالِيهم وكُلّ اللُّبنانيّين سِوى الإفرَاج عن الحقيقة، وتسليم المرتكبين إلى المحاكمة إحقاقاً للعدالة، كما إنَّ عدم تسمِية محققٍ عدليّ في جريمة اغتيال لُقمَان سليم يؤشّرُ إلى أيادٍ خفيّة تُريدُ العَبَث بالأدِلّة والحقائق، وبالتّالي بإزاء هذين المُعطيَين، وبقدرِ التَّعويل على صَحوَةِ ضميرٍ من القضاء اللُّبناني، يبقى خيار التحقيق الدَّولي قائماً ومُلِحّاً.
4 ـ إنَّ تعطيل تشكيل حكومة متخصّصين مستقلّين مهنيّين بمهمَّات محدَّدة وصلاحيَّاتٍ إستثنائيَّة تشريعيّة، يتبدَّى مرتبطاً بِشكلٍ وثيق بالإبقاء على لُبنَان ورقة مُقايضة ومفاوضة ومساومة تُسيطر عليها إيران، وما الحديثُ عن صلاحيَّاتٍ وحقوق طوائف سِوى من قبيل ذرّ الرَّماد في العيون، وبالتَّالي يثبتُ عملياً أنَّ لبنان يتعرّضُ لخطر فُقدان هويّتهِ وثمّة من يسعى بالقول والفِعل والأيديولوجيَّة لتغيير اختباره التّاريخيّ، وهو واحةُ الحريَّات، والمواطنة الحاضنة للتنوُّع، وتلاقي الأديان، وهذا يتطلّب من جامعة الدُّول العربيّة والأمم المتّحدة، وهو العُضو المؤسّس فيهما، مبادرةً إنقاذيّة لنموذجِه الحضاريّ الإنسانيّ.
إنَّ الجبهة المدنيَّة الوطنيَّة إذ ترى عُمق معركة وضعِ حد فاصلٍ بين الدُّوَيلة ومؤسَّسات الدّولة، وفي مقدمها القضاء كما الأجهزة العسكريّة والأمنيّة، بوصفِ هذه وتِلك حامية للعدالة ولأمِن الشعب اللّبناني وأمانه، تُعاهِدُ القِوى المجتمعيَّة الحيَّة على تكثيف المواجهة بكُلّ الوسائل السَّلميَّة والدّيموقراطيّة، وفيها لا حصانات ولا استثناءات.